بدأ اللعب كمدافع وتأخر في الزواج بسبب المافيا.. “غاريث بيل” الذي عشق الغولف لكنه احترف كرة القدم
فاجأ النجم الويلزي غاريث بيل متابعيه ومتابعي الرياضة عموماً، عندما أعلن مع بداية العام 2023 اعتزاله لعب كرة القدم، بعد ثلاثة أسابيع فقط من مشاركته في نهائيات مونديال قطر 2022 ضمن صفوف منتخب بلاده.
وقد جاء إعلان بيل عن اعتزاله اللعب الدولي، من خلال حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، في منشورٍ أوضح فيه أنه اتخذ القرار بعد تفكيرٍ عميق؛ مشيراً إلى أنه يعتبر نفسه محظوظاً “لتحقيق حلم ممارسة رياضة كرة القدم التي أحبّها”.
وأنهى غاريث بيل مشواره مع رياضة كرة القدم بشكلٍ مفاجئ وغريبٍ، وكأنه أراد التأكيد -سواء لمحبيه أو لمنتقديه- أنه لاعب مميز وقد عاش علاقةً غريبة مع الرياضة الأكثر شعبية في العالم.
فكيف كان المشوار الرياضي للاعب الويلزي؟ وما هي أبرز المحطات والمواقف التي ميّزته عن غيره من اللاعبين الدوليين؟
خاض أول مباراة احترافية في الـ16 من عمره
وُلد غاريث بيل يوم 16 يوليو/تموز 1989 في مدينة كارديف، عاصمة ويلز، وقد بدأ ممارسة رياضة كرة القدم ضمن أكاديمية نادي “بيث”، المتواجد في مدينة صغيرة تحمل الاسم نفسه، وتقع في جنوب غرب إنجلترا.
الأكاديمية تابعة لنادي ساوثهامبتون الإنجليزي الذي ضمّ بيل إلى فريق الشباب في موسم 2005 و2006، ومنحه فرصة خوض مباراته الأولى مع الفريق الأول يوم 17 أبريل/نيسان 2006 أمام نادي ميلوال، التي انتهت بفوز الأخير بنتيجة هدفين لصفر.
خاض بيل تلك المباراة وهو يبلغ من العمر 16 عاماً فقط، ما يجعل منه ثاني أصغر لاعبٍ يشارك مع الفريق المحترف لنادي ساوثهامبتون، بعد الإنجليزي ثيو والكوت، الذي واجه نادي وولفرهامبتون في مطلع موسم 2005 و2006 عندما كان في الـ16 من عمره أيضاً.
اللافت أن غاريث بيل تكوّن ضمن أكاديمية بيث -ثم مع ساوثهامبتون- على أساس أنه ظهير أيسر، إلا أن مركزه تغيّر من الخط الخلفي إلى الأمامي بعد عامين من انضمامه إلى نادي توتنهام الإنجليزي.
انتقل النجم الويلزي من ساوثهامبتون إلى توتنهام في صيف 2007، ضمن صفقة بلغت قيمتها 10 ملايين جنيه إسترليني (أي ما يعادل 11 مليوناً و300 ألف يورو)، ولكنه لم يشارك سوى في 24 مباراة طيلة موسمين كاملين، بسبب معاناته من الإصابات المتكررة.
ولما عاد غاريث بيل إلى الواجهة في العام 2009، ظهر كلاعبٍ مختلف تماماً بعدما اكتسب العضلات التي سمحت له بتحسين قوة الاختراق.
وقد تزامنت تلك العودة مع تعيين الإنجليزي هاري ريدنامب مدرباً لنادي توتنهام، بديلاً عن الإسباني خوندي راموس. فقرر المدرب الجديد وضع الكاميروني بينوا أسو إكوتو في مركز الظهير الأيسر، وتقديم غاريث بيل إلى مركز الجناح الأيسر.
كانت فكرة ريدنامب ناجحة جداً؛ فقد ساهم بيل بتأهل توتنهام إلى مسابقة دوري أبطال أوروبا في موسم 2010-2011، وقد واصل تألقه حين سجّل ثلاثية تاريخية في مرمى إنتر ميلان الإيطالي.
لاحقاً، عندما عُيّن البرتغالي أندريه فيلاش بواش مدرباً لتوتنهام عام 2012، منح غاريث بيل مزيداً من الحرية فوق أرض الملعب. فغيّر مركزه إلى مهاجمٍ حرّ وراء المهاجم الصريح، ما سمح له بتقديم أفضل أداءٍ له في مساره الاحترافي خلال موسم 2012 و2013، بتسجيله 21 هدفاً في 33 مباراة.
وفي العام 2013، دخل بيل تاريخ الكرة الإنجليزية عندما نال جائزتي أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، وأفضل لاعب صاعد؛ وهما الجائزتان اللتان لم يسبق أن حققهما من قَبل، سوى الأسكتلندي آندي غراي في العام 1977 ضمن نادي إستون فيلا، والبرتغالي كريستيانو رونالدو عام 2007 مع مانشستر يونايتد.
ريال مدريد أخفى سرّ تعاقده لتفادي غضب رونالدو
أكد غاريث بيل أنه لاعب متميز ومتعدد المواهب عند انتقاله إلى ريال مدريد الإسباني في صيف 2013، حين وضعه كارلو أنشيلوتي في مركز جناح أيمن ضمن خطٍ هجومي مؤلف من البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيمة.
تألق بيل بمنصبه الجديد، مسجلاً 22 هدفاً في موسمه الأول مع النادي الملكي، ليظهر بعدها بأداءٍ متذبذب من موسمٍ إلى آخر بسبب إصاباته المتكررة وغيابه عن الملاعب.
اللافت أن القيمة الرسمية لصفقة انتقال غاريث بيل إلى ريال مدريد بلغت 91 مليون يورو، والتي كانت تُعتبر وقتئذٍ ثاني أغلى صفقة في تاريخ انتقالات اللاعبين، بعد صفقة البرتغالي كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد عام 2009، والتي تُقدّر بـ94 مليون يورو.
لكن وبعد شهور، كشفت تقارير صحفية -نقلاً عن موقع “فوتبول ليكس”، المتخصص في فضح العقود السرية للاعبين والمدربين- أن القيمة الحقيقية لصفقة بيل قُدّرت بنحو 100 مليون و760 ألف يورو، وأن عقد اللاعب مع ريال مدريد تضمن بند “عدم إفشاء السرّ” من طرف نادي توتنهام واللاعب ووكيله.
وأشارت التقارير نفسها إلى أن إدارة ريال مدريد أرادت إخفاء المبلغ الحقيقي للصفقة حتى تتفادى غضب رونالدو، النجم الأول للنادي وقتئذٍ.
غادر غاريث بيل النادي الملكي في سبتمبر/أيلول 2020 على سبيل الإعارة إلى فريقه السابق توتنهام، لموسمٍ واحد، ثم رحل عنه نهائياً في يونيو/حزيران 2022 نحو نادي لوس أنجلوس الأمريكي.
تعاقد مع النادي الأمريكي لمدة 12 شهراً، وقاده نحو التتويج بلقب الدوري الأمريكي لكرة القدم في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، للمرة الأولى في تاريخ النادي، وذلك قبل أن يفسخ العقد معه في يناير/كانون الثاني 2023 ويعلن اعتزاله اللعب بشكلٍ مفاجئ.
لم يعتزل غاريث بيل اللعب مع الأندية فقط، بل مع منتخب بلاده ويلز أيضاً، الذي كان انضمّ إليه للمرة الأولى قبل بلوغه الـ17 عاماً، عندما شارك في مباراة ودية أمام منتخب ترينيداد وتوباغو في مايو/أيار 2006.
وحتى اليوم، يُعتبر بيل اللاعب الأكثر مشاركة مع منتخب ويلز بمجموع 111 مباراة، إلى جانب كونه أفضل هدّافٍ للمنتخب برصيد 40 هدفاً. وقد ساهم في بلوغ ويلز الدور نصف النهائي لبطولة أمم أوروبا عام 2016، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وللتأهل إلى نهائيات كأس العالم في قطر للمرة الثانية في تاريخه.
غاريث بيل.. عدّاء من المستوى العالمي ومهووس بالغولف
كان غاريث بيل أحد أسرع لاعبي كرة القدم في العالم، وقد بلغت سرعته في الكرة خلال إحدى المباريات 36.9 كلم في الساعة.
كان بيل يركض مسافة 100 متر في 11 ثانية و40 جزءاً من المئة، لما كان طفلاً بعمر الـ14 عاماً، وهو رقم قريب من إنجازات العدائين ذوي المستوى العالمي؛ على غرار أسطورة ألعاب القوى الجامايكية المعتزل يوسين بولت، صاحب الرقم القياسي العالمي في سباقي الـ100 والـ200 متر.
وكان بولت قد صرّح في إحدى المناسبات بأنّه لو طُلب منه اختيار 3 لاعبي كرة القدم ليكونوا معه ضمن فريق التتابع، لاختار كلاً من غاريث بيل والبرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كيليان مبابي.
أثار اللاعب الويلزي جدلاً كبيراً خلال فترة لعبه مع ريال مدريد، بسبب هوسه الكبير برياضة الغولف، عندما رفع لافتة كُتب عليها عبارة: “ويلز، الغولف، مدريد” بعد مباراة ويلز أمام المجر في تصفيات يورو 2020.
أنصار النادي الملكي اعتبروا اللافتة بمثابة إهانةٍ كبيرة لريال مدريد؛ لأنه وضع الفريق في المرتبة الأخيرة من حيث الأهمية، بعد منتخب ويلز والغولف.
وبغض النظر عن النية الحقيقية، والرسالة التي أراد تمريرها من خلال تلك الراية، فإن بيل يُعتبر بالفعل مهووساً جداً بممارسة الغولف. وقد أعاب عليه مدربه زين الدين زيدان ممارسته للغولف خلال أوقات راحته، خصوصاً أنها تسببت له بإصاباتٍ كان في غنى عنها.
زوجة غاريث بيل.. والدها متورط مع المافيا
حين كان غاريث بيل يسجل هدفاً، اعتاد أن يحتفل به بطريقة خاصة، من خلال تشكيل علامة “قلب صغير” بيديه؛ وهي رسالة موجهة إلى زوجته إيما ريس جونز. وقد قرر النجم الويلزي تسجيل طريقة احتفاله لتكون علامة مسجلة باسمه، تحت اسم Eleven of Hearts.
وخلف زواج غاريث بيل قصة غريبة نوعاً ما؛ فقد تزوج رسمياً من إيما ريس جونز في يونيو/حزيران 2019، رغم أنهما كانا على علاقة منذ أن كان طالباً في الثانوية، لكنه اضطر إلى تأجيل ارتباطه الرسمي على مدى سنوات بسبب المافيا.
فوالد حبيبته يُدعى مارتان ريس جونز، وقد دخل السجن في قضية اختلاس أموال، وكان من بين ضحاياه عناصر من مافيا ويلز، التي كانت تترقب إفراجه المشروط حتى تأخذ ثأرها منه.
كان غاريث بيل يخطط للزواج في المرة الأولى عام 2013، لكن تواجد عمّه في السجن حال دون ذلك. انتظر بعد ذلك 6 أعوام، حتى قرّر إقامة حفل زفافه على جزيرة إيبيزا الإسبانية من دون انتظار خروج والد زوجته من السجن.
كما ذهب أبعد من ذلك، ولم يوجِّه دعوة إلى جدّ وجدّة زوجته لحضور الحفل، الذي كان مصغراً واقتصر على 60 شخصاً فقط من العائلتين، إضافةً إلى الأصدقاء المقرّبين فقط.