# هاشتاق

طريقة “مجنونة” لتوليد النساء الحوامل.. طاولة دوراة تطرد الجنين من رحم أمه

توليد النساء الحوامل

نعلم جميعاً أن هناك طريقتان للولادة لا ثالث لهما، الأولى هي الولادة الطبيعية والثانية هي الولادة القيصرية. لكن هناك طريقة ثالثة “مجنونة” بل وقد تبدو سخيفة أيضاً مع ذلك فقد حصل مخترعوها على براءة اختراع في ستينيات القرن الماضي، وتعتمد على آلة تدعى جهاز بلونسكي.

ما هو جهاز بلونسكي؟

ببساطة هذا الجهاز عبارة عن طاولة تربط عليها المرأة الحامل ثم تبدأ الطاولة بالدوران بسرعة كبيرة إلى أن يندفع الطفل من رحم المرأة إلى الخارج بفعل قوة الطرد المركزي.

وقد ابتكر هذه الطريقة الغريبة الزوجان بلونسكي وكانا فخوران بها لدرجة أنهما سجلا براءة اختراع لهذا الجهاز الذي عرف باسم جهاز بلونسكي” Blonsky.

ثورة في عالم التوليد

وفقاً لما ورد في مجلة Slate كانت امرأة واحدة على الأقل من كل 100 امرأة تموت أثناء الولادة قبل عصر الطب الحديث. ولما كانت معظم النساء يلدن أكثر من طفل، فإن الخطر كان يتفاقم مع كل ولادة.

في القرنين التاسع عشر والعشرين، حملت التقنيات الطبية الحديثة بشائر ثورة غير مسبوقة في عالم الولادة.وأسهمت تدابير يسيرة، مثل غسل اليدين، في الحد من انتشار الجراثيم. وساعدت التقنيات الجديدة، مثل التخدير، في تهوين آلام الولادة بعض الشيء.

لكن مع ذلك كانت الجراثيم تنتشر في المستشفيات وباتت معدلات الوفيات بالولادة في المستشفى أعلى من معدلات الوفيات في الولادات المنزلية.

ونشأ عن الأساليب الجديدة مخاطر جديدة، فقد صار المرضى معرضين لخطر الوفاة في ظل ممارسة التخدير العميق. وأفرط بعض الأطباء في استخدام ملقط الجراحة وإحداث الشقوق الجراحية، ما أدى إلى إصابات للأطفال والأمهات بجروح ليس لها داعٍ في كثير من الأحيان.

وفي هذا السياق، جاءت هذه التقنية، المعروفة باسم “جهاز بلونسكي”.

من هما الزوجان بلونسكي؟

وفقاً لما ورد في موقع All That’s Interesting الأمريكي، صدرت فكرة جهاز بلونسكي عن زوجين كانا يعيشان في ولاية نيويورك الأمريكية، هما: جورج بلونسكي، الذي عَمِل مهندس تعدين، وزوجته شارلوت بلونسكي.

لم يكن لدى الزوجين أطفال، وربما كان هذا أحد الأسباب التي دفعتهما لهذه الفكرة المجنونة. في أوائل الستينيات، شاهد جورج في الحديقة أنثى فيل تعاني آلام المخاض وتوشك على وضع جنينها. وقد أخذ يراقبها وهي تدور ببطء في دوائر واسعة، حتى افترض أن الدوران ساعدها في وضع دغفلها (ولد الفيل) البالغ وزنه نحو 113 كيلوغراماً.

أخذ المهندس يرصد الأرقام ويحسب حركات الفيزياء التشريحية لدوران الفيل أثناء المخاض. وكان يأمل أن تساعده تلك الحسابات على ابتكار وسيلة تُحدث تغييراً غير مسبوق بشأن ما يعرفه البشر عن وسائل الولادة.

زعم جورج بلونسكي وزوجته شارلوت أن نساء العصر الحديث غير مؤهلات للولادة، وكتبا في طلب براءة الاختراع، أن “أغلب النساء في الأقوام البدائية كان لديهن نظام عضلي مكتمل البناء، وكن يمارسن مجهوداً بدنياً كبيراً طوال مدة حملهن، فكانت الطبيعة بدورها توفر لهن جميع القدرات والقوة اللازمة ليلدن ولادة طبيعية وسريعة”.

أما النساء المعاصرات اللاتي اعتدن العيش في ظل الكماليات الحديثة “فإن قلة الحركة تحرمهن في معظم الأحيان من بناء العضلات اللازمة”، ومن ثم فهن يحتجن إلى وسيلة أخرى للتزوُّد بالقوة اللازمة لإتمام الولادة بسلاسة.

ولهذه الغاية، تقدَّم الزوجان بلونسكي بفكرةِ جهاز دوَّار يوفر “قوة دفع كبيرة” تدفع الطفل دفعاً من جسد الأم. وقالا إن ربط الحوامل بطاولات دوارة من شأنه أن “يسهِّل ولادة الطفل من دون أن تتعرض الأم لضغوط شاقة”.

قوة الطرد المركزي وجهاز بلونسكي

بشَّر مخترعا جهاز بلونسكي بإحداث ثورة في عالم الولادة بالاعتماد على قوة الطرد المركزي.

أما طريقة عمل الجهاز، فكانت تتضمن استلقاء الأم الحامل على طاولة دائرية، ويربط الأطباء المرأة بالجهاز لتجنب الأضرار الجانبية للحركة.

وأورد طلب براءة الاختراع المكون من ثماني صفحات أن “الجهاز مزود بعدة أربطة لضمان الاستلقاء الآمن والثابت والمريح للمرأة على الطاولة”، ويشمل ذلك رباطاً لتثبيت الرقبة، وأربطة للجسم، وأربطة للفخذين.

ثم تبدأ الطاولة في الدوران بسرعة عالية. ويعمل الجهاز على “إنشاء قوة لطيفة، ومتساوية التوزيع، ومتوازنة التوجيه، ودقيقة الضبط، تعمل في انسجام”، بحيث “تتضافر قوى الطرد المركزي الناشئة للتغلب على قوة المقاومة المقابلة لها، فيندفع الطفل وتسهل ولادته”.

وزعم المخترعان في وصفهما (النظري) أن “المحرك الرأسي متغير السرعة” سيدور بالحوامل حتى يندفع الأطفال اندفاعاً من رحم الأم.

وأوضحا أن “المشغِّل ينبغي أن يعمد أثناء العملية إلى تسريع الآلة تدريجياً لتدور بقوةٍ محددة مسبقاً، ينتج عنها وضع الطفل. وإذا لم يتحقق ذلك ببلوغ هذه القوة، فلا يتجاوزها، إلا لو قرر الطبيب اللجوء إلى سرعة أعلى”.

وبطبيعة الحال، فإن جهاز بلونسكي يأتي بوسائل أمان أخرى مهمة، ولا يقتصر على الأحزمة التي تربط المرأة، فالطاولة الدوارة تزوَّد بشبكة مجهزة لاستقبال المولود. وبمجرد أن تتلقف “شبكة الاستقبال المصنوعة على هيئة وعاء كبير” الرضيعَ، فإن الجهاز يتوقف عن الدوران.

جهاز بولنسكي\ مواقع التواصل
جهاز بولنسكي\ مواقع التواصل

وبطريقةٍ ما، منح مكتب براءات الاختراع الأمريكي الزوجين بلونسكي حقَّ براءة الاختراع لجهاز بلونسكي في عام 1965.

هل استخدمَ أي شخص هذا الجهاز؟ 

الحمد لله أنه ليس لدينا أي دليل يشير إلى أن جهاز بلونسكي استُخدم فعلياً في توليد أي امرأة. وقالت دراسة صادرة عن كلية الثالوث بجامعة دبلن الإيرلندية، إن الجهاز كان باهظ الثمن وشديد التعقيد.

وعلى الرغم من أن الزوجان بلونسكي حاولا مراعاة شروط السلامة، مع ذلك، فإن جهازهما لم يعالج مخاوف أخرى مهمة، مثل وسيلة التعامل مع الأم الحامل إذا أصابها الدوار وبدأت في التقيؤ، ولا كيفية التحقق من نجاح الأمر بقوة الطرد المركزي.

ادَّعى الزوجان بلونسكي في طلب براءة الاختراع أن “الجنين يحتاج إلى قوة دفع كبيرة لتمكينه من دفع جدران المهبل الضيقة وإزاحتها جانباً”. لكن الواقع أن أجيالاً من الحوامل وضعن أطفالهن بدون الحاجة إلى أجهزة دوارة عملاقة من هذا القبيل.