صاحب سلسلة “مطاعم البيك” للوجبات السريعة.. قصة نجاح رامي أبو غزالة
اللَّه هو المُعطي، وبِرُّ الوالدين، وألَّا تجعل المال سبب عملك؛ بل التميُّز، وإسعاد من تقوم على خدمتهم”، هذه هي القاعدة الذهبية التي يتَّبعُها رامي أبو غزالة، صاحب المطعم الذي يحتلُّ المرتبة السادسة في العالم لتقديم الوجبات السريعة خارج الولايات المُتحدة الأمريكية.
لكن من هو؟ وما قصة نجاحه؟ وكيف استطاع هو وأخوه أن يحوِّلا محلَّاً صغيراً في جدة إلى سلسلة مطاعم تحمل اسم العلامة التجارية التي تُعدُّ أكثر رواجاً في المملكة العربية السعودية؟ وما الصعوبات التي واجهتهما؟ وما ركائز النجاح التي اعتمداها للوصول إلى القمة؟ سنقدِّم لكم كل ذلك أعزائي القراء في (10 ترند) في هذا المقال.
من هو صاحب مطعم البيك رامي أبو غزالة؟
رامي شكور أبو غزالة صاحب مطعم البيك، فلسطينيُّ الأصل، سعوديُّ الجنسية؛ وهو مالك سلسلة مطاعم “البيك” في المملكة العربية السعودية، ومديرها التنفيذي.
قصة مطعم البيك:
كانت بداية فكرة تأسيس سلسلة مطاعم “البيك” في عام 1974م، وذلك عندما لاحظ والده “شكور أبو غزالة” -من مواليد فلسطين عام 1928م، ومدير مستودعٍ قديمٍ في منطقة الشرفية في جدة- أنَّ الخليج العربي عموماً، والمملكة العربية السعودية خصوصاً، فقيرةٌ جداً بمطاعم الوجبات السريعة التي تقدِّم طعاماً جيداً في بيئةٍ نظيفة، وخاصةً بعد ارتفاع فرص العمل، إذ لم يُعد هناك وقتٌ للطهو في المنزل، فبدأ الناس يميلون إلى تناول الوجبات الجاهزة.
ومن هنا جاءته فكرة استيراد علامةٍ تجاريةٍ يكون سعرها ضمن إمكانيَّاته، بهدف فتح محلٍّ صغيرٍ لتقديم الوجبات السريعة؛ وبالفعل كان هو أول من تمكَّن من إدخال طريقة تحضير الدجاج المقلي “البروستد” إلى المملكة العربية السعودية وتنفيذها، واستطاع توقيع اتفاقية وكالةٍ حصريةٍ مع شركة “بروست الفرنسية”، والتي تمكَّن من خلالها استخدام مُعداتٍ وخلطاتٍ خاصةٍ للدجاج المقلي.
كانت أول عقبةٍ واجهته في طريقه لتحويل فكرته إلى واقع: اختيار موقع المحل، ولكنَّه تمكَّن من الحصول على موقعٍ استراتيجيٍّ جداً يقع عند تقاطع شارع فلسطين مع المدينة المنورة، وتحديداً في بناية الدخيل؛ لكنَّ العقبة الكُبرى كانت أنَّ إمدادات الطاقة الكهربائية لم تصل بعد إلى بناء الدخيل.
لكنَّه لم يستسلم، وبدأ بالبحث عن مكانٍ آخر مُناسبٍ لافتتاح مطعمه وإنجاز فكرته، إلى أن اختار مستودعاً قديماً يقع على طريق المطار في حيِّ الشرفية، فاستأجره وبدأ تجهيزه ليكون أول مطعم “بروست” يُفتتح في المملكة العربية السعودية، وذلك تحديداً في عام 1974م؛ ولكن لم تكن توقعاته بنجاح المشروع وتحقيق الأرباح مُطابقةً للواقع، إذ لم يتقبَّل الناس فكرة تحضير الدجاج بهذه الطريقة، ولم يتجاوز عدد زبائن المطعم في السنة كلِّها 100 زبون، وكان والد رامي -رحمه الله- هو نفسه من يحضِّر الوجبات ويقدِّمها ويحاسب الزبائن، ويقوم بنفسه بكلِّ ما يجب القيام به في المطعم.
تُوفِّي والد رامي بعد مُعاناةٍ مع مرض السرطان في 14 أغسطس من عام 1976م، وأنهت شركة “بروست” الفرنسية العقد بسبب وفاة الوكيل. يقول رامي عن ذلك في ندوةٍ عقدها في الغرفة التجارية بمدينة جدة: “تعاقد والدي مع شركة (بروست) وأصبح وكيلاً لها في السعودية، ولكن بعدما توفِّي، تلقَّينا خطاباً من الشركة يُفيد بإنهاء العقد بسبب وفاة الطرف الآخر”.
الإصرار على النجاح بعد وفاة الوالد وتحقيق الحلم:
يشرح رامي مؤسس البيك الظروف التي واجهها هو وأخوه بعد وفاة والدهم، وتمسُّكهم بتحقيق حلمه، والصعوبات والعوائق التي واجهتهم، وكيف استطاعا أن يكوِّنا اسماً من أكثر الأسماء انتشاراً في مجال مطاعم الوجبات الجاهزة؛ فيقول في إحدى ندواته: “توفِّي الوالد بعد سنتين، وكنَّا -إحسان وأنا- في المرحلة الجامعية، فجاءنا خطابٌ من الشركة التي كان الوالد مُتعاقداً معها، تُخبرنا فيه أنَّ الوكالة أُلغِيت بسبب موت الطرف الآخر؛ فأصبح العمل ضائعاً، حيث لم تكن لدينا رؤيةٌ لإكمال المشوار.
تخرَّج إحسان من الجامعة بعد سنتين من الحادثة، حاصلاً على البكالوريوس في تخصُّص “بترول ومعادن”، فأخذ يُفكِّر في طريقةٍ ليُكمل المشوار الذي بدأه الوالد، فوجد فوضى كبيرةً في انتظاره تتمثَّل في: الخسائر، ووجود مؤسَّساتٍ كانت تعمل في غير مجال المطاعم، وقلَّة الخبرة بسبب كونه في مطلع العمر؛ لكنَّه اتخذ قراراً جريئاً جداً، وهو أن يُصفِّي كلَّ الأعمال الموجودة، ويُبقي على المطاعم فقط، وقد أثَّر فينا هذا القرار حتَّى هذه اللحظة، وذلك بحصر عملنا في مجال المطاعم على الرغم من أنَّهُ ليس من ضمن اختصاصنا.
كانت الصدمة الثانية بعد تخرُّجي أنا من الجامعة، حيث تلقَّينا رسالةً من البنك بمديونيةٍ على المؤسسة بالملايين، فمنحنا البنك خياراً من اثنين: إمَّا أن نُسدِّد الديون على دفعاتٍ لمدة سنتين، أو أن يحجز على كلِّ المُمتلكات؛ ولكن بسبب وجود حافزٍ لدينا لإكمال المشوار الذي بدأه الوالد، اخترنا التوقيع على كمبيالات، ودفعناها على مدى سنتين، وكان التقشُّف شعارنا في تلك المرحلة، فكنَّا نعمل في مكاتب صغيرةٍ جداً وضيقة، وألغينا الشاي والقهوة في المكاتب، وكان لابدَّ أن أعمل بنفسي، فلبست زيَّ المطاعم، ونظَّفت الحمامات، وتعلَّمت كيف أكنس وأمسح الغبار، وتعلَّمت خدمة الزبائن والكاشير، فهذا عملٌ ضروريٌ جداً.
كان إحسان قد سافر إلى باريس لتعلُّم علوم تكنولوجيا الغذاء في ذلك الوقت؛ وبمجرَّد أن تعلِّمنا أساسيات العمل، بدأنا تطبيق الأنظمة التي تضمن الجودة وتعمل على زيادة الكفاءة”.
عمل إحسان بعد عودته إلى جدة على تطوير الوصفة السرية للنكهة، والمكونة من 18 عنصراً بنسبٍ مُختلفة، ويقول رامي عن هذه المرحلة: “بدأ أخي إحسان بشراء خلطاتٍ سريةٍ من هناك، فيما كنَّا نحن نُعِدُّ تلك الخلطات في مكان سري، واستمرت هذه المرحلة 4 سنواتٍ حتَّى استطعنا أن نتوصَّل إلى طعمٍ خاصٍّ بنا”.
لكن بعد أن ظهرت بشائر النجاح، ظهرت أيضاً التحديات الجديدة، ومن أهمِّها: المطاعم المُنافسة، فكان من الضروري جداً أن يجدوا طريقةً ذكيةً لمواجهة كلِّ المُنافسين والتفوُّق عليهم، فيقول رامي: “بعد أن بدأت تظهر بشائر النجاح، واجهتنا مشكلة وجود 400 مطعم (بروست) في جدة وحدها، ما أساء إلى كلمة (بروست)، لدرجة أنَّ الناس اعتقدت أنَّ كل مطاعم (بروست) سيئةٌ وغير صحية، فكان لزاماً علينا أن نُميِّز مُنتجنا عن باقي المطاعم المُنافسة، فبدأنا تدريب العاملين على فنِّ الخدمة، وترتيب العمل، والجودة في المُنتج؛ حتَّى يلمس الزبون الفارق بيننا وبين المطاعم الأخرى، وهنا جاءت فكرة الاسم الحالي لعلامتنا؛ وحتَّى ننفصل عن اسم (البروست) اجتمعنا نحن العائلة، وبدأنا كتابة قائمةٍ كبيرةٍ بأسماء مُقترحة، حتَّى توصلنا إلى هذا الاسم، وقد أُطلِق اسم “البيك” في عام 1986م.
انتشار سلسلة مطاعم البيك في المملكة العربية السعودية
بعد النجاح الكبير الذي حقَّقه في جدة، وتغطية معظم الأحياء فيها؛ بدأ تفكير رامي وأخوه إحسان بالانتشار في مُختلف أنحاء المملكة العربية السعودية، فكان لزاماً عليهم التفكير في أقرب المدن إلى جدة، وهي مكة المكرمة التي تبعد ساعةً واحدةً فقط عنها؛ ويقول رامي عن اختيار موقع المطعم هناك: “بعد بحثٍ دقيقٍ في مُختلف أنحاء هذه المدينة التي تنمو سريعاً، تمكَّنا من إيجاد الموقع المثالي، وافتتحنا مطعمنا في شارع أم القُرى عند مدخل مكَّة المُكرمة، وكان ذلك في عام 1990م”، واستمرَّ الانتشار لتشمل الفروع كلَّاً من: المدينة المنورة، وينبع، والطائف، والقُنفذة، والليث، والقصيم؛ ليبلغ عدد الفروع الحالية لسلسة مطاعم “البيك” 63 فرعاً.
الركائز التي اعتمد عليها الأخوان أبو غزالة في تحقيق النجاح والوصول إلى هدفهم:
هي أربعة ركائز يعتبرها الأخوان أبو غزالة الأساس في أيِّ عملٍ تجاري. يقول رامي: اعتمدت العائلة في نجاحها على أربعة أعمدة، إذا فُقِد واحدٌ منها اختل التوازن، وهي:
الناس: وهم الزبائن والعاملون، فكان علينا قبل أن نتخذ أيَّ قرارٍ أن نُراعي الفوائد التي سيجنيها الزبون، والعامل أيضاً.
الجودة: جودة الوجبة والخدمات، ولها أولويةٌ عندنا.
الربح الطويل المدى: لا تفكِّر في الربح القصير؛ لأنَّ أيَّ شيءٍ يأتي بسرعةٍ سيذهب بسرعة، فقد استمرينا أكثر من 25 سنةً بسعر 10 ريال، وكان بإمكاننا أن نزيد في السعر؛ ولكنَّ التزامنا بالربح الطويل هو الذي ساعدنا على النجاح.
التفاعل مع المُجتمع: تفشل أيُّ شركةٍ أو فردٍ يفكِّر أنَّه يستطيع أن يعيش في مُجتمعٍ يظلُّ يأخذ منه ولا يُعطيه في المُقابل.
المراحل التاريخية التي مرت بها سلسلة مطاعم البيك:
- تطوير وصفةٍ سريةٍ تحتوي على 18 نوعاً من الأعشاب والتوابل، وذلك في عام 1984م.
- تسجيل “البيك” كعلامةٍ تجاريةٍ في المملكة العربية السعودية، وذلك عام 1986م.
- افتتاح مطعم البيك لأول مرةٍ في مكة المُكرمة، وذلك عام 1990م.
- إدراج وجبة الدجاج الحرَّاق كأحد الوجبات في المطعم لأول مرة عام 1994.
- تقديم وجبة الجمبري الجامبو لأول مرةٍ في عام 1995.
- تقديم وجبة الجمبري الاقتصادية لأول مرةٍ في عام 1996.
- تقديم برنامج “العلماء الشباب”، وهو أول برنامجٍ يُقدَّم كجزءٍ من الشراكة بين “كوكا كولا” مع شركة “البيك” في المسؤولية الاجتماعية تجاه المُجتمع السعودي، وبالتعاون مع مركز جدة للعلوم والتكنولوجيا؛ وذلك في عام 1996.
- افتتاح ثلاثة مطاعم موسميةٍ في مِنى لخدمة الحُجَّاج خلال موسم الحج، وذلك في عام 1998م.
- تقديم وجبة الدجاج المسحَّب لأولِ مرةٍ في عام 1999م.
- افتتاح مصنع “أقوات للصناعات الغذائية”، وهو مصنعٌ لتجهيز الأغذية، ليكون هو المُزوِّد والمُنتِج الرئيس لسلسلة مطاعم البيك، وذلك في عام 2000.
- إدراج وجبة الدجاج المسحَّب الحرَّاق لأول مرةٍ ضمن قائمة الوجبات المُقدَّمة، وذلك عام 2000.
- افتتاح أول مطعمٍ لسلسلة “البيك” في المدينة المنورة، وذلك في عام 2001.
- بدء البرنامج التعليمي والتدريبي للأطفال “بطل البيت”، وذلك في عام 2001.
- تقديم سندويتشات المسحَّب والمسحَّب الحرَّاق، في عام 2002م.
- افتتاح أول مطعم “بيك إكسبريس” بقائمةٍ محدودة الطلبات في ضيافة مول بمكة المُكرمة، وذلك في عام 2002م.
- إدراج وجبة السمك ضمن قائمة البيك، وتقديم وجبة ساندويتش السمك، وذلك في عام 2005م.
- افتتاح أكبر مطعم وجباتٍ سريعةٍ في العالم في مِنى، وهو مطعمٌ موسميٌّ لخدمة الحُجَّاج خلال موسم الحج، وذلك في عام 2006.
- افتتاح فرع مطعم “البيك” في ينبع في العام 2006م، كما بدأ المطعم في هذا العام أيضاً بتقديم شرائح فيليه السمك وسندويتش الجمبري.
- افتتاح مطعم “البيك إكسبريس” في استراحة ساسكو في طريق جدة- المدينة، وذلك في عام 2013م.
- افتتاح فرعٍ جديدٍ لمطعم “البيك” في مدينة القنفذة، جنوب منطقة مكة المُكرمة، وذلك عام 2014.
- افتتاح فرعٍ لأول مرةٍ في محافظة الليث، وذلك عام 2015.
- افتتاح فرعٍ لمطعم “البيك” لأول مرةٍ في المنطقة الوسطى، وتحديداً في البريدة، وبسبب الزحام الشديد أُغلِق المطعم لمدة ساعتين، ثمَّ أعادوا افتتاحه؛ وكان ذلك في عام 2015.
- تطبيق خدمة عملية الشراء عن طريق الإنترنت، واستلامه من الفرع، وذلك في عام 2015.
- افتتاح مطعم “البيك” في محافظة عنيزة، وذلك في عام 2016.
- افتتاح مطعم “البيك” في مدينة جازان في عام 2016.
- افتتاح مطعم “البيك” في المدينة المنورة في حيِّ العزيزية بالقرب من جامعة طيبة، وذلك في عام 2017.
- افتتاح مطعم “البيك” في محافظة الخرج، وذلك في عام 2017.
- افتتاح مطعم “البيك” في الرياض، وذلك في عام 2018.
- افتتاح مطعم “البيك” في الرس، وذلك في عام 2019.
- افتتاح مطعم “البيك” في محافظة صبيا، وذلك في عام 2019.
- افتتاح مطعم البيك في الدمام، وذلك في عام 2020.
ختاماً:
من أسرار نجاح رامي مالك مطعم البيك وإحسان في تحقيق أهدافهما خلال رحلة النجاح الطويلة هذه، يقولا: “رسالتنا أن نزرع الابتسامة في وجه الزبون، ونعُدُّ كم شخصاً ابتسم في أثناء خدمتنا له، فهذا أمرٌ يُسعدِنا جداً. والأمر الثاني هو أعضاء الفريق، فأفضل شيء في الحياة أن ترى عيني الإنسان الذي يعمل معك برَّاقتين؛ لأنَّه يأخذ في التعلُّم وينمو معك، وأن ترى عينيه تتحديان الصِعاب التي يواجهُها، ودائماً ما ننظر إلى العامل على أنَّهُ الرئيس التنفيذي للشركة، فمن وظيفتنا أن نوفِّر عناصر النجاح للعامل الذي يعمل معنا، حتَّى يُقابل الناس وينجح في خدمتهم بصورةٍ رائعة، فالمفهوم لإدارة شركتنا هو أنَّ أهمَّ شخصٍ في الشركة هو الذي يقف لمُقابلة الزبون، والشخص الذي يُحضِّر الوجبات؛ وننظُر من هذا المُنطلَق إليه على أنَّهُ الرئيس التنفيذي”