هل سلاح هارب الأمريكي متهم بإحداث زلزال تركيا؟
هل سلاح هارب الأمريكي متهم بإحداث زلزال تركيا؟؟
برزت نظرية المؤامرة على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، حول وجود أسباب غير طبيعية للزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، وخلف أكثر من 40 ألف قتيل مؤخرا.
بالتزامن مع حدوث الزلزال، سجلت عديد من الكاميرات المتفرقة ظهور أضواء زرقاء ساطعة تشبه البرق في المناطق التي ضربها الزلزال، وقد حيرت هذه الظاهرة المشاهدين وتضاربت الآراء والتفسيرات بين كونها مجرد عاصفة رعدية، خاصة أن المنطقة كانت تعيش منخفضا جويا وعاصفة ثلجية، أو أنها انفجارات في خطوط الكهرباء.
حقيقة الأضواء
وادعى البعض أن الزلزال مفتعل بواسطة البرنامج التابع لحلف شمال الأطلسي (ناتو) المعروف بـ”برنامج الشفق القطبي النشط العالي التردد” (High-frequency Active Auroral Research Program) المعروف اختصارا بـ”هارب” (H.A.A.R.P) “سلاح هارب الأمريكي” ، وأن الأضواء الساطعة هي دليل ذلك، فما حقيقة هذه الأضواء؟
شارك ناشطون عرب وأتراك وغربيون في الترويج لنظريات مؤامرة، إذ قالت بعض الروايات إن رفض أنقرة دخول السويد لحلف الناتو دفع الغرب إلى الانتقام بافتعال الزلزال.
واعتبر ناشرو هذه الرواية أن الولايات المتحدة ضربت تركيا إما عبر البرنامج العلمي “هارب”، أو عبر قنبلة نووية صغيرة، مشيرة إلى أن توصية بعض الدول الغربية رعاياها الموجودين في تركيا بأخذ الحذر وقرار “إغلاق سفارات غربية في أنقرة”، وقنصليات في إسطنبول، دليل على صحة روايتهم، رغم أن العاصمة وإسطنبول لم تتأثرا جراء الزلزال.
وفي وقت سابق، نشر مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر وميض من الأضواء في السماء. وكتبوا “السماء أثناء زلزال. أتمنى أن يكون الجميع في أمان”.
وأظهرت مقاطع فيديو أخرى نفس الظاهرة. التقاط الكاميرات أيضًا الشحنة الكهربائية.
تميل أضواء الزلازل إلى الحدوث حول التصدعات القارية، حيث تسمح الصدوع الرأسية للتيارات الكهربائية الناتجة عن الإجهاد بالتدفق بسرعة إلى السطح، مما ينتج عنه هذه الظاهرة. وتشبه الأضواء الشفق وتنتج مزيجًا من اللونين الأبيض والأزرق.
وتظهر بشكل عام فقط عندما يكون للزلازل قوتها 5.0 أو أعلى. ويقول الخبراء إن الأضواء قد تساعد يومًا ما في توقع اقتراب الزلازل في المستقبل. وشوهدت أضواء مماثلة بعد زلزال كانتربري في سبتمبر 2010
سلاح من نوع جديد؟
بعدوة إلى موقع برنامج “HAARP” فإن المشروع يهدف إلى دراسة خصائص وسلوك الأيونوسفير “الغلاف الأيوني”، وهي “طبقة على حافة الفضاء مباشرة، إلى جانب الغلاف الجوي العلوي المحايد، وترتفع عن سطح الأرض 50- 400 ميل”.
إلى ذكل، أكد مركز علوم المخاطر الجيولوجية في هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، أن الزلازل تحدث بسبب قوى داخل الأرض، وهي حركة السوائل الناتجة عن الحرارة في طبقة “الوشاح” تحت القشرة.
نفى المركز أن تسبب ظواهر الغلاف الجوي الزلازل.
كما اعتبر البروفيسور ويليام إلسورث، أستاذ أبحاث الجيوفيزياء بجامعة ستانفورد الأمريكية، في كاليفورنيا، أن “الربط بين “HAARP” وزلزال تركيا أمر مؤسف”، مؤكدا “أنه من المستحيل حدوث ذلك”.
وأوضح إلسورث، أن “الزلزال أطلق الطاقة التي تم تخزينها في القشرة من خلال الحركة البطيئة للصفائح التكتونية على مدى قرون، وقد بدأ في أعماق الأرض، بعيدا عن أي تفاعل مادي مع السطح القريب أو فوقه”.
وأكد أنه “لا يوجد دليل علمي بأي شكل من الأشكال على أن طبقة الأيونوسفير التي يدرسها البرنامج العلمي “HAARP” لها أي دور في التسبب في الزلازل”.
وأضاف: “أعتقد أنه من غير المسؤول إثارة قضية تورط الإنسان في زلزال تركيا دون دليل، علينا احترام الحقائق العلمية، ففي حين أن الزلازل لا يمكن التنبؤ بها على المدى القصير، فإن الصدوع التي تمزقت في الزلازل كانت معروفة وفهم أنها تمثل خطرا كبيرا، ووقعت المأساة بسبب المباني التي لم يتم تشييدها لتحمل شدة الاهتزاز”.
ظاهرة طبيعية
من جهته، نفى أستاذ المخاطر الطبيعية والبيئية في جامعة “كينغز كوليج لندن” (King’s College London)، البروفيسور بروس مالامود، وجود رابط وثيق أو محتمل بين البرنامج البحثي الشفق النشط عالي التردد “HAARP” (سلاح هارب الأمريكي) والتسبب في الزلازل من أي درجة، بما في ذلك الزلزال المأساوي الأخير في تركيا”.
وأوضح مالامود أن “HAARP برنامج بحثي مخصص لدراسة الأيونوسفير، وهو جزء من الغلاف الجوي العلوي للأرض، يقع حوالي 48 إلى 965 كيلو متر فوق مستوى سطح البحر”.
وصرح بأنه لا توجد آلية فيزيائية معروفة تدل على أنه يمكن أن يكون “HAARP” (سلاح هارب الأمريكي) قد تسبب في حدوث زلازل، وأي ادعاءات بمثل هذه الروابط تقع خارج نطاق العلوم الطبيعية ويجب تجاهل أي دعوة من أي شخص للربط بين البرنامج وحدوث الزلازل، مثل منظري المؤامرة، كما يجب معالجة ادعاءاتهم على أنها أخبار كاذبة.
ومضات ساطعة
يذكر مقال على موقع “ناشونال جيوغرافيك” (National Geographic) -نُشر يوم 19 أبريل/نيسان 2019- أنه في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 1988 أبلغ الناس عن كرة أرجوانية زهرية زاهية من الضوء على طول نهر سانت لورانس في كيبيك بكندا، قبل 11 يوما من وقوع زلزال قوي، وفي بيسكو بدولة بيرو عام 2007، كانت الأضواء ومضات ساطعة أضاءت السماء تم التقاطها في فيديو كاميرا المراقبة قبل وقوع زلزال قوته 8 درجات.
وقبل زلزال 2009 في لاكويلا بإيطاليا، شوهدت ألسنة اللهب بطول 10 سنتيمترات تومض فوق طريق حجري، وعندما ضرب زلزال بقوة 8.1 درجات المكسيك عام 2017، ظهرت صور مخيفة لأضواء خضراء وزرقاء في السماء على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعام 2014 قام فريدمان فرويند، أستاذ الفيزياء المساعد في جامعة “ولاية سان خوسيه” (San Jose State University) والباحث الأول في مركز أبحاث “أميس” (Ames Research Center) التابع لوكالة الفضاء الأميركة “ناسا” (NASA)، بنشر نتائج بحثية توصل إليها هو وزملاؤه في دورية “سيزمولوجيكال ريسيرتش ليترز” (Seismological Research Letters)، تفيد بأنه عند تحليل 65 حادثا ضوئيا للزلازل، افترض فرويند وزملاؤه أنها ناتجة عن الشحنات الكهربائية التي يتم تنشيطها في أنواع معينة من الصخور في أثناء النشاط الزلزالي.
ضغط الصخور
ويذكر المقال أن صخور البازلت والغابرو، على سبيل المثال، تحتوي على شوائب صغيرة في بلوراتها يمكن أن تطلق شحنات كهربائية في الهواء، وقد قدّر العلماء أن الظروف التي أدت لنشوء الأضواء موجودة في أقل من 0.5% فقط من الزلازل في جميع أنحاء العالم، وهو ما يفسر سبب ندرة هذه الزلازل نسبيا، كما أشاروا إلى أن أضواء الزلزال تظهر بشكل أكثر شيوعا قبل الزلازل أو في أثنائها، وليس بعدها.
ويرى مؤلفو الدراسة أنه في أثناء الزلزال، فإن ضغط الصخور التي تتصادم يولد شحنات كهربائية تنتقل صعودا على طول الصدوع الجيولوجية شبه العمودية الشائعة في مناطق الصدع، وعندما تصل الشحنات إلى سطح الأرض وتتفاعل مع الغلاف الجوي، فإنها تخلق توهجا.
ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة روبرت تيريولت، عالم الجيولوجيا في وزارة كيبيك للموارد الطبيعية، إن “أضواء الزلازل ظاهرة حقيقية، فهي ليست أجساما غريبة الأطوار، ويمكن شرحها علميا”.
تفاعل كيميائي
يعتقد فرويند أن الأمر كله يبدأ بعيوب في صخرة، حيث تفقد ذرات الأكسجين داخل التركيب الكيميائي للمعدن إلكترونا، وعندما يضرب إجهاد الزلزال الصخر فإنه يكسر الروابط الكيميائية المتضمنة في هذه العيوب، ويحدث ثقوبا ذات شحنة كهربائية موجبة، ويمكن أن تتدفق سلسة “الثقوب الموجبة” عموديا من خلال الصدع إلى السطح، مما يؤدي إلى إنشاء مجالات كهربائية محلية قوية يمكن أن تولد الضوء.
مؤشر مبكر
وقد أظهرت التجارب المعملية أنه يمكن توليد المجالات الكهربائية في أنواع معينة من الصخور عن طريق الضغط، لكن فكرة فرويند هي مجرد واحدة من عديد من الآليات الممكنة لشرح أضواء الزلازل.
من ناحيته، يقول جون إبل، عالم الجيوفيزياء في كلية “بوسطن” (Boston College) في ولاية ماساشوستس وهو لم يشارك في دراسة فرويند، “هذا منطقي بما فيه الكفاية، لكن هذا لا يعني أنه صحيح”.
بشكل عام، قد يؤدي هذا الحديث عن أضواء الزلازل إلى زيادة الوعي بها كتحذير محتمل من الزلزال، كما يقول تيريولت، فقد نبهت هذه الظاهرة الناس من قبل بالقرب من لاكويلا في إيطاليا أبريل/نيسان 2009، عندما رأى رجل ومضات بيضاء تنعكس على أثاث مطبخه في الساعات الأولى من الصباح وأخذ عائلته إلى الخارج، وبعد ساعتين حدث الزلزال المدمر.
المصدر: ( وكالات + مواقع إلكترونية + ترند 10)
تركيا تكشف حصيلة المباني المهدّمة بسبب الزلزال.. أطلعت مجلس الأمن على الأوضاع
مواطنة سعودية في تركيا تروي تفاصيل نجاتها من الزلزال وتكشف أكثر شيء أصابها بالرعب (فيديو)