خبيرة فلسطينية تتحدث عن روبوت المحادثة ChatGPT.. أدهش العلماء وأثار انقساما
خطف روبوت المحادثة “ChatGPT”، الأضواء خلال الأسابيع الماضية، بعدما أحدث ثورة غير مسبوقة في عالم الذكاء الاصطناعي.
وبالإضافة إلى التكنولوجيا الهائلة التي يتمتع بها “ChatGPT”، وقدرته على إنشاء محادثات تبدو كأنها حقيقية، إضافة إلى تمتعه بمواهب عدة، فإن الروبوت التابع لموقع “OpenAI” تفوق على تطبيقات شهيرة مثل “إنستغرام”، و”تيك توك”، و”فيسبوك”، من حيث المدة التي احتاجها للوصول إلى 100 مليون مستخدم.
وبحسب دراسة لبنك “يو بي إس” السويسري، فإن روبوت المحادثة “ChatGPT” يأتي في مقدمة التطبيقات التي شهدت معدل ارتفاع قياسي في عدد المستخدمين منذ بدء الاستخدام الفعلي لشبكة الإنترنت قبل أكثر من 20 عاما.
وبات موقع “OpenAI” المالك للروبوت، واحدا من أكثر 50 موقعًا تمت زيارتها في العالم، إذ قالت الدراسة نقلاً عن بيانات من شركة “سليك ويب” للتحليلات ، إن ما معدله 13 مليون شخصا استخدموا “ChatGPT” يوميًا في كانون ثاني/ يناير الماضي.
وكشف موقع “OpenAI” عن روبوت “ChatGPT” في 30 تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي، وسرعان ما أصبح حديث العالم، ما دفع عديد الشركات المنافسة إلى إصدار تجارب مشابهة.
تقول الأكاديمية الفلسطينية نور نعيم خبيرة الذكاء الاصطناعي، في تصريحات صحفية، حول كيفية تطوير قدرات روبوت “ChatGPT” بشكل متسارع، ومستقبل هذا العلم، والأخطار المحتملة التي قد يسببها للبشر.
ما هو “ChatGPT”؟
نعيم الحاصلة على شهادة الدكتوراه في إدارة الذكاء الاصطناعي، قال في تعريفها لـ”ChatGPT”، إنه روبوت محادثة تم إنشاؤه بواسطة شركة OpenAI، ويُعرف باسم الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ولفتت إلى أن هذا الروبوت يستجيب فعليًا لأي مطالبة تقدمها له بسرعة ووضوح مذهلين. في حين أن العديد من روبوتات المحادثة لا تعرف سوى كيفية الرد على كلمات رئيسية أو محفزات معينة، مضيفة أن “ChatGPT يتميز بالرد على الأسئلة المعقدة، وإنتاج إجابات شاملة بقيمة مقالات حول أي موضوع يمكن طرحه.
ولفتت إلى أنه “بينما يدعم ChatGPT تقنية معقدة، فإن واجهته المرئية سهلة الاستخدام بشكل لا يصدق، ويمكنك ببساطة إدخال نص في مربع العنوان تمامًا كما تفعل على Google، والحصول على إجابات وافية”.
بحسب الخبيرة نور نعيم، فإن “هذه الواجهة المبسطة، سمحت للأشخاص من جميع الأعمار والخلفيات بالتفاعل معها مباشرة، كما تتمتع هذه التقنية بالمرونة والتجديد، فإذا لم تعجبك استجابته لمطالبتك، فيمكنك تعديل اقتراحك، وسيعدل الذكاء الاصطناعي وفقًا لطلبك”.
وأضافت أن “ChatGPT” هو أول مشروع كبير يطرح مثل هذا النوع من الذكاء الاصطناعي للجمهور، بقصد استخدامه وتجربته، واختبار نتائجه دون وجود معيقات أو محددات، بحسب قولها.
وتابعت بأن الصعود المذهل لهذا الروبوت، كشف عن فوائده، وأهمية بمساعدة مجموعة واسعة من المختصين في مجالات متعددة، إذ بدأ المستخدمون في الاعتماد عليه بالمناهج، والأوراق الأكاديمية، والنصوص بلغات برمجة مختلفة، وهو ما دفع العديد للقول إن هذا الروبوت سيغير من قواعد اللعبة.
إلا أن ذلك أحدث انقساما بين خبراء الذكاء الاصطناعي، وقالت نور نعيم “منهم من اعتبر ما يحدث يمثل بداية عصر جديد للذكاء الاصطناعي، ومنهم من قال إن الضجيج والصدى القوي، سيتلاشى عندما يصل البشر إلى معرفة حدود قدرات ChatGPT الحالية”.
نتائجه بالعربية مرضية
نور نعيم التي تدير أكاديمية للذكاء الاصطناعي في مدينة إسطنبول بتركيا، تركز فيها على تعليم الأطفال، قالت إن مخرجات ونتائج التقنية المكتوبة باللغة العربية في “ChatGPT” مرضية إلى حد ما.
وتابعت مستدركة أنه “يجب عدم إغفال حالة القصور باللغة العربية في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي للغات بشكل عام”.
وأضافت أنه يجب العمل على محورين لتفادي هذا العجز والفجوة المعرفية، وهما: تحسين وإثراء محتوى الإنترنت باللغة العربية، وتعديل الخوارزميات عبر الوصول لدوائر السياسات والتشريعات بالشركات التكنولوجية الكبرى”.
مخاوف من “طرق غير أخلاقية”
قالت نور نعيم إنه “مع انتهاء فترة شهر العسل الأولى، بدأت الأصوات تعلو بالانتقادات لجميع الطرق الغير شرعية ـ غير أخلاقية ـ التي تُستخدم بها هذه التكنولوجيا، وعلى الرغم من كل الحديث الإيجابي السابق ستبقى المخاطر تلوح في الأفق حيث سجلت بعض النتائج الحالية من كتابات الذكاء الاصطناعي محتوى يحض على الكراهية و يشمل نسبة من المعلومات الخاطئة”.
وأضافت أنه “يتم استخدامه للمساعدة في كتابة تعليمات برمجية ضارة بالبشر، ولا تعمل لصالحهم، إذ أن شركة OpenAI المصنعة لنظام المحادثة ChatGPT زودت النظام التجريبي الحالي بحوالي ٣٠٠ مليار كلمة، والنظام الجديد سيحتوي أضعاف ذلك”.
وبحسب الخبيرة في الذكاء الاصطناعي نور نعيم، فإن كل تلك المعلومات مصدرها الإنترنت من كتب، ومقالات، ومنشورات، ومواقع إلكترونية، وكذلك معلومات شخصية متوفرة حصلت عليها الشركة دون إذن”.
وتابعت أنه حتى هذه اللحظة “لا توجد توضيحات بخصوص المعلومات الشخصية التي يتبادلها المستخدمون مع البرنامج، مما يهدد حق الخصوصية، وإمكانية انتهاكها، وهو الأمر الذي دفع بعض الشركات التقنية الكبرى كأمازون لتنبيه موظفيها إلى عدم مشاركة بيانات سرية، وخاصة على النظام، بسبب حالة عدم اليقين من التعرض للاستغلال واستخدام البيانات كمدخلات لتطوير البرنامج كأن يجد أحدهم بياناته كإجابة على سؤال من مستخدم آخر”.
انتحال أكاديمي ومهني
وفقا للخبيرة نور نعيم، فإن من بعض المخاطر التي تم تسجيلها، ما كشفه عنه تقرير لمجلة “بزنس انسايدر” من استخدام شركة استشارات للصحة النفسية عبر الإنترنت، تقنية ChatGPT للرد على الاستفسارات، والمعالجة للأفراد، مما يثير المخاوف الأخلاقية حول الرعاية الصحية وعلاقتها بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
نموذج آخر للتخوفات الحالية بحسب نعيم، هو ظهور روبوت المحادثة “ChatGPT” كمؤلف في المقالات والدراسات الأكاديمية، مما يثير علامات استفهام حول الأبعاد المهنية وحقوق النشر، والتحقق من المعلومات ومدى دقتها، إضافة لذلك فـإن “المجاميع البحثية والعلمية والمؤتمرات تواجه معضلة كبيرة تُشابه فكرة الانتحال بسبب نماذج توليد اللغة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي والتي توجت بتقنية ChatGPT”، بحسب نعيم.
ونوهت نعيم إلى أنه “حتى اللحظة لا يوجد أي آلية فعالة لتمييز النصوص المكتوبة عن طريق البشر، من الآلات التقنية المولدة للنصوص، وعلى إثر ذلك حدثّت المؤتمرات شروطها بمنع أي أوراق تقدم مكتوبة عبر هذه التقنية”.
ولفتت إلى وجود مبادرات مطروحة حاليا لضبط استخدام التقنية والعمل على إيجاد إشارات سرية غير ملحوظة، تكشف النص المكتوب إن كان من إنتاج التقنية، بحيث يصبح من الصعب تداول وتمرير مخرجات GPT على أنها من صياغة بشر واستخدامها بالمجالات الأكاديمية والدراسية (كالغش).
وقالت نور نعيم إنه عبر الاستعانة بتقنية ChatGPT وبعض تقنيات الذكاء الاصطناعي الأخرى، “يمكن إنتاج مواد إعلامية مصورة (فيديو) بالكامل، بدءًا من المحتوى وحتى الإخراج التصويري، دون مشاركة بشرية بعملية الإنتاج، بشكل مباشر مما يزيد فرص الانتحال والتزوير والتزييف للحقائق”.
وتابعت محذرة أن “التوسع باستخدام مثل هذه التقنية، وتوظيف خدماتها لتوليد نصوص لتشخيص الأمراض ووضع خطط علاجية ومقترحات بأنواع الأدوية اللازمة، يمثل درجة خطورة عالية، لأن هذا النوع من الخدمات يمس حياة البشر بشكل مباشر، ما لم تُقنن وتضبط وظائفه بمهام روتينية إثرائية لا مصيرية”.
لمحة عن التجارب المنافسة
الخبيرة نور نعيم، قالت إن ازدياد الاهتمام بـ روبوت المحادثة “ChatGPT” دفع المنافسين التقنيين للسعي لإطلاق إصداراتهم الخاصة، حيث أعلنت Google مؤخرًا عن إصدار Bard AI الخاص بها، كما تستعد شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة Baidu لبرنامج محادثة مماثل بشهر آذار/ مارس المقبل.
بينما تقوم شركة Anthropic، وهي شركة ذكاء اصطناعي أسسها موظفون سابقون في OpenAI، بجمع مئات الملايين من التمويل للبدء في مشروع جديد.
ونوهت إلى أن المشكلة تبقى في أن “ضبط استخدام مخرجات هذا النوع من التقنيات يتزامن مع التقدم المذهل والقفزة النوعية بالذكاء الاصطناعي لتتوافق مع القيم والمبادئ المجتمعية، ولا يحدث سوء استخدام لها، وإن طبق بشركة معينة، فلا يمكن ضمان تطبيقه بباقي الشركات، فالنماذج اللغوية كبيرة وعدد الشركات كبير جدا”.