# هاشتاق

 فلسطينيون يعيدون إحياء ثورة البراق في عمل درامي

عمل درامي يحاكي قصة نابلس

“أم الياسمين” مسلسل للمخرج الفلسطيني بشار النجار، وتدور أحداثه حول مدينة نابلس بين عامي 1929 و1935، منطلقا من ثورة البراق في القدس، ومستعرضا البيئة النابلسية الاجتماعية والثقافية وعادات المدينة وتقاليدها وأكلاتها ولكنتها المميزة.

نابلس– مرتديا زيه العسكري القديم المتناسق مع الحدث بزمانه ومكانه وطبيعته، أبدع الفنان الفلسطيني أمجد غانم وهو يؤدي دوره كضابط إنجليزي يرأس مخفرا، في مشهد تمثيلي بمسلسل “أم الياسمين” الذي بات في مراحل تصويره الأخيرة ليكون أول عمل فني درامي عن مدينة نابلس.

وفي منزل يعود لعائلة العمد العريقة بنابلس، وهي واحدة من 8 عائلات وردت في المسلسل، يسابق غانم وفريق “أم الياسمين” الزمن لاستكمال المسلسل الممتد على 29 حلقة وبمدة 35 دقيقة للحلقة الواحدة.

المسلسل من إخراج الفلسطيني بشار النجار، وتدور أحداثه حول مدينة نابلس بين عامي 1929 و1935، منطلقا من ثورة البراق في القدس، ومستعرضا البيئة النابلسية الاجتماعية والثقافية وعادات المدينة وتقاليدها وأكلاتها ولكنتها المميزة.

يهتم المسلسل بخط النضال الثوري لنابلس كجزء أصيل من المجتمع الفلسطيني المقاوم، ويتوقف عند بدء أحداث الثورة الفلسطينية عام 1936 تمهيدا لجزء ثان، يتم التحضير له وينتهي مع نكبة الفلسطينيين عام 1948، وكيف أسهمت نابلس في استقبال المهجرين وفتح دواوينها ومساجدها وحماماتها العامة لهم.

انطلق من القدس وحكى نابلس

واختير الاسم “أم الياسمين” ليكرس للقب جديد للمدينة، التي تسمى أيضا “جبل النار” و”دمشق الصغرى”، إضافة إلى أن الياسمينة هي إحدى حارات بلدتها القديمة الست، والتي احتضنت برائحة ياسمينها عبق الماضي وثورته.

واجتمعت تفاصيل كثيرة في “أم الياسمين” لتقديم بيئة نابلسية حقيقية ذات مصداقية، في أول عمل درامي يمس مدينة فلسطينية مباشرة، وتتسلسل أحداثه حول قصة بعينها، فاختيرت النصوص من الكتب والرواية المتناقلة بدقة وحرفية، وانعكست تلك الحرفية بالنص على فريق العمل بأكمله، من ممثلين ومصورين وطاقم الإنتاج.

لكن لماذا جعلت القدس بوابة للمسلسل الذي يستعرض نابلس وحكايتها؟ يجيب المخرج بشار النجار -للجزيرة نت- بأن “ثورة البراق حدث مفصلي بتاريخ القضية الفلسطينية، وتزامن ذلك مع حدث مهم تعيشه نابلس وهو إحياء المولد النبوي، والذي تحول لمؤازرة واسعة للقدس. ونابلس كانت أول المدن الفلسطينية التي خرجت احتجاجا على وعد بلفور وإعدام الثوار الثلاث: فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم، وأعلنت الحداد، وأغلقت سوقها المركزي ورفعت الرايات السود فوق محاله التجارية”.

إنتاج فردي

وأهمية العمل وقوته إضافة لموضوعه وسردية أحداثه الممتعة تكمن في طاقمه الذي يصل إلى 83 شخصا، بينهم 56 فنانا، ومئات المشاركات الثانوية (كومبارس)، إضافة لمكان التصوير وطاقمه الذي انعكس على جودة الصورة وقوة الإنتاج.

وهذا كله أمام “إنتاج فردي” للمسلسل، حسب النجار الذي اضطر لبيع مركبته الخاصة ببداية العمل، ويقول إن أصحاب العمل واجهوا شحا ماليا كبيرا، فلم تحتضن أي جهة المشروع، ولم يتم إلى غاية الآن حسم جهة البث التي ستعرض العمل.

يرى النجار -الذي بدأ مشواره في الإخراج عام 2013 فأنتج أعمالا عدة “أولاد المختار” و”كفر اللوز” و”الأغراب”- أن التحديات المالية لم تكن المشكلة الوحيدة أمام القائمين على العمل، مشيرا إلى التحريض الإسرائيلي وأحداث الضفة التي عرضت حياة الفنانين للخطر خلال العمل وفي أثناء تنقلاتهم، إضافة لساعات العمل الطويلة وتشتت مواقع التصوير لعدم القدرة على بناء مكان واحد لذلك، حيث تركَّز التصوير أكثر بنابلس وبلدتها القديمة وقرية عبوين قرب مدينة رام الله بالضفة الغربية.

ويحجب “أم الياسمين” ويحاصر كل الأعمال المشبوهة والتطبيعية غير الفلسطينية، وذات التمويل المشروط، ويقول القائمون على العمل الذين رفضوا الارتهان لأي أجندات، إن لديهم فنانين يحملون عقيدة وطنية ويترجمونها واقعا بعمل يُرِّسخ الحقيقة الفلسطينية ويتصدى للرواية الإسرائيلية.

تجاهل وتقصير رسمي

وينكر المخرج النجار على الحكومة الفلسطينية -لا سيما وزارة الثقافة- عدم دعمها عمله المقاوم ثقافيا، وبالمقابل طالبها بفرض قيود ومراقبة على أي أعمال ذات أجندات أو تمويل مشروط.

عدم اكتراث المؤسسات الرسمية الفلسطينية يعده النجار سببا لغياب أعمال درامية فلسطينية قوية، ويقول إنهم بوصفهم فنانين ومخرجين في تطور مستمر، وأن الذي يراوح مكانه هي الأفكار والثقافة الإنتاجية، ويرفض وصف مسلسله بأنه “إنتاج محلي”، ويعتبر ذلك “إساءة”، ويقول “أم الياسمين إنتاج على مستوى عربي، ولدينا كفاءات تنافس نجوما عربا”.

وهو أمر يؤكده يونس حساسنة المنتج المنفذ للمسلسل، الذي غامر بأحدث معداته لإنتاج عمل مميز لإيمانه بالفكرة وأهميتها فلسطينيا بكل أبعادها، تاريخيا وسياسيا.

ورغم إنتاجه أعمالا كثيرة، فإن الحساسنة لم ير عملا دراميا بقوة “أم الياسمين”، ويقول للجزيرة نت “إنه انطلاقة قوية للدراما الفلسطينية من جديد”، ويضيف أن فريق العمل القادم من معظم مدن الضفة الغربية يعمل خلية نحل لإنجاحه، فالتصوير يسير بتواز مع المونتاج، ويمتد ذلك بين 15 و36 ساعة أحيانا.

نابلس أكبر من مسلسل

ورغم تجسيد المسلسل بيئة نابلسية خالصة، وحكايته أحداث المدينة بتاريخها وحضارتها وثقافتها، فإن الفنان الفلسطيني أسامة ملحس يقول إن نابلس “لا تلخص بمسلسل”، ويضيف “سيفاجئ العمل الجميع بقوته وتشابهه والبيئة الشامية الأقرب للمدينة. والأهم -يضيف ملحس الذي يلعب دور “أبو أكرم” الموكلة إليه إدارة صبانة (مصنع صابون نابلسي) زوجته- تشابه الواقع مع ما جاء بالمسلسل جدا، مبينا أنهم اعتمدوا على أناس ثقات في جمع المعلومات وتدقيقها حتى في ما تعلق باللكنة النابلسية ولفظها.

ويرى ملحس أن أعمالا دراميا كثيرة أعدت بنابلس وعنها، وأضاف أن مسلسل فدوى طوقان، على سبيل المثال، تحدث عنها بوصفها شاعرة وعن بيئتها ومحيطها، ولكنه ليس بقوة ومحتوى وإنتاج “أم الياسمين”.

ويبدو أن “أم الياسمين” أراد لنابلس أن تسترد بعضا من تراثها وعاداتها ومفرداتها كمدينة لها إرثها النضالي والحضاري، بعد أن كانت “مهمشة” على مدى التاريخ، وفق طاهر باكير الفنان وكاتب قصة مسلسل “أم الياسمين”، الذي يعبر عن أمله بأن يليق العمل الجديد بنابلس وإرثها النضالي والحضاري.

ويأمل المخرج بشار النجار عرض مسلسله في شهر رمضان، رغم عدم تبني أي جهة له، وهذا برأي النجار لا يعيب العمل الذي يعتبر أن “رأس ماله هو فريقه وعقيدته الوطنية وحريتهم الفكرية”، ويضيف أن “القناة التي لا تريدنا لا نريدها، وكما لم يعطلنا التصوير لن يعوقنا نشر المسلسل”.

المصدر: ترند\وكالات